خطـاب موجهه للسعوديين و المسلمين
بقلم : تانيا سي هسو
مقال مترجم من جريدة ارب نيوز
من الممكن قراءة النص الاصلي باللغه الانجليزية من خلال الرابط التالي :
http://www.arabnews.com/?page=7§ion=0&...
مقال جدير بالقراءة كتبته الصحفية الأمريكية تانياسي هسو
تحت عنوان ( خطاب مفتوح للسعوديين ) في يوم الثلاثاء 30/4/1426هـ ، ولاحظ الفقرة الأخيرة من المقال
لقد شعرت بالغضب والإحباط بعد عودتي من المملكة العربية السعودية التي أمضيت فيها أربعة أسابيع مرتدية العباءة والحجاب..
ونظراً لأنني محللة متخصصة في شؤون المملكة العربية السعودية فلقد عرفت الكثير مسبقاً مما هو متوقع مني عمله ولم يمثل ارتدائي للحجاب وعدم تمكني من قيادة السيارة خلال المدة التي قضيتها هناك أي مشكلة بالنسبة لي وبعد أربعة أسابيع طرت إلى اتلانتا مرتدية الحجاب ليس فقط لأختبر رد فعل الأمريكيين ، ولكنه لأنه كان مريحا و عمليا ، ولقد أضفت لحجابي في سوق البدو بالرياض البرقع وأدركت ولأول مرة في حياتي بأن الرجال يتحدثون إلي مباشرة بكل احترام و تقدير دون أن يكون لجسدي كامرأة اثر في ذلك التقدير ..
و يرجع سبب حضوري للمملكة أنني قد تلقيت دعوة بعد أن انتهيت من إعداد كتاب لي عن المملكة لحضور منتدى حوار محلي نشط بجدة ولقد قررت ان أمكث هناك قليلا لأجمع المادة الخاصة بكتاب آخر لي عن المملكة ، وقابلت خلال تلك الفترة أناساً من جميع مشارب الحياة ، منهم الغني و منهم الفقير و منهم الأمهات و منهم النساء العاملات و منهم النساء الناجحات و الأخريات العاطلات عن العمل و منهم الأميرات و منهم البدويات البائعات في الأسواق و منهم ما هو بين هذا وذاك، والتقيت سعوديين أصليين وسعوديين مجنسين ( تابعية ) وأجانب ، وعشت مع أسر سعودية كان يستخدم البعض منها الخدم و الآخر بدون خدم و كانوا جميعاً منفتحين و تواقين لمشاركة الرأي معي ، لقد تنقلت بحرية عبر البلاد و جلست على موائد الطعام الفاخرة ليلياً في منازل السعوديين ولم يكن باستطاعتي أن أتهرب من مثل هذه الحفاوة والكرم ، ولم أشاهد البتة بأن الرجال كانوا منفصلين عن النساء .
و في الرياض اعتدت على استخدام مكتب أحد الأصدقاء لمدة اسبوعين وكان يتم التعامل معي بطريقة متكافئة مع الرجال وتم اطلاعي على مناقشات تجارية على مستوى عال ، لقد توقعت بعد هذه الزيارة أن أعود للولايات المتحدة وأنا في موقف دفاعي أفضل خاصة وأنني قد حاولت بعد أحداث 11 سبتمبر و بدون جدوى أن أشرح أوضاع المملكة للشعب الأمريكي الذي أظهر عدم رغبته في الاستماع أو الفهم بعد أن أصبح هدفاً لتلك الهجمات ، وواجهت صعوبة في ممارسة مهنتي لإصراري على إيضاح بعض القضايا السعودية للشعب الأمريكي ، ولقد شعرت بأن من الممكن أن يلقى الشخص قبولا إذا كان معادياً للحرب أو معارضاً لجورج بوش أو مؤيداً للفلسطينيين،
و لكن لا يلقى أي قبول من أي طرف سياسي داخل الولايات المتحدة إذا ما كان موالياً للسعوديين والذي يعني مضاجعة العدو او عبادة الشخص ، ولا يوجد سوى تغطية إعلامية بسيطة ومحدودة للمملكة في الغرب في مواضيع غير مواضيع التجارة والنفط وإعلان الإصلاح ، ولاحظت وللأسف بأنه يوجد داخل المملكة وعلى الرغم من مشاهدة السعوديين للقنوات الفضائية ومطالعتهم الصحف واستخدامهم للإنترنت عدم مواكبة للأحداث ولاحظت ذلك حتى في مكتبة «جرير» التي لا تعرض سوى كتب عن الرحلات والتصوير وحياة أشخاص تاريخيين مثل «جيرتريد بيل وهاري فيلبي » ولكنها لا تعرض مادة سياسية للجمهور التواق للمعرفة السياسية ويعتبر ذلك في حد ذاته مناقضاً للمنطق في هذه المرحلة.
ولقد واجهت بعض المضايقات بسبب اقفال المحلات أوقات الصلاة فالوقت في الولايات المتحدة يمر بطريقة مختلفة حيث نسارع في الانتقال من مكان لآخر مما يوصلنا للإجهاد وحافة الانهيار بينما شاهدت الأسر في جدة تسير في مجموعات مسترخية على الكورنيش بينما يلعب أبناؤهم بالطائرات الورقية أو يركبون الحمير أو يعدون اللحم المشوي في الهواء الطلق بعيداً عن الموسيقى الصاخبة التي تصك الآذان في الشوارع الأمريكية الرئيسية التي يشغلها المراهقون في سياراتهم المسرعة .....
والسؤال هو: ما الذي جعلني أشعر بالغضب؟ لقد ظل هناك سؤال يطاردني لم أحصل على جواب له خلال جميع مناقشاتي التي جرت بالمملكة فعندما كان يوجه سؤال لشخص حول أسباب شعوره بالفخر لكونه سعودياً كان من الإجابات الشائعة إن السبب في ذلك هو كونه مسلماً أو عربياً مثلما إن المملكة هي موطن الحرمين الشريفين ولكنني لم أتلق إجابات حول القومية والروح الوطنية السعودية. إلا تروا ما في هذه الناحية من معنى ؟
لقد ظللتم ولسنوات عديدة ماضية تعتذرون علانية عن بعض أعمال العنف التي وقعت بالمملكة والافتقار للإصلاح أو بطء حركة التغيير وسمعت مراراً وتكراراً عن الشعور باليأس الذي أعمى عيونكم عن رؤية ما يجري أمامكم من خطوات تغيير و نمو و إنشاء مؤسسات جديدة و جهود إصلاحية.
إن لديكم أشياء كثيرة تجعلكم تشعرون بالفخر و لكن أدبكم الجم و رقتكم قد سمحت للغرب بأن يطأكم بقدميه و ان يصفكم بأنكم مصدر تهديد للديموقراطية وللعالم .
يجب عليكم أن ألا تسمحوا بأن يستمر مثل هذا الشيء و عليكم أن تسعوا للتقليل من المشاعر المعادية تجاه السعوديين و التوقف عن إعادة تأكيد نقاط ضعفكم.
إنكم أمة عزيزة و لذلك فعليكم أن تترجموا مشاعر الاعتزاز و الفخر ببلدكم من خلال العمل و ليس فقط من خلال المشاعر
عليكم أن تشرحوا للعالم كيف أنكم تحترمون النساء و كيف أن بلدكم خالياً نسبياً من الجريمة و كيف أنها آمنة و كيف أنكم تمنحون الأسرة الأولوية في الاهتمام
عليكم أن تخرجوا عن صمتكم و ان تتساءلوا كيف إن الولايات المتحدة الدولة الرائدة في الجريمة و في الاغتصاب و في العنف المحلي تجرؤ على اتهامكم بانتهاك حقوق الإنسان
عليكم أن تسألوا كيف يدافع الأمريكيون عن تنفيذ أحكام الإعدام بقتل النساء و القاصرين و المتخلفين عقلياً بالكرسي الكهربائي
و عليكم أن تبينوا كيف أن ديموقراطية الولايات المتحدة
تسمح بتصدير أكبر صناعة للصور العارية في العالم .. فلماذا ينتقدون المملكة بسبب القيود التي تفرضها للحفاظ على الأخلاق؟
و عليكم أن تبينوا لهم كيف أن باستطاعة أي سعودي أن يترك محفظة نقوده أو الكاميرا الثمينة على المقعد الأمامي بالسيارة كما فعلت و يعود و يجدها في نفس مكانها بينما ينهمك الأمريكيون في استخدام أجهزة الإنذار لإبعاد اللصوص
كما و ينتشر المجرمون الذين يسيئون للأطفال في كل حي..
عليكم أن تبينوا لهم بأنكم تطبقون إجراءات أمنية صارمة و فريدة لمنع تكرار وقوع أعمال عنف حول بعض المجمعات السكنية كاللتيوقعت في السابق فهناك على سبيل المثال مجمع سكني بالخبر محاط بخمسة جدران أمنية و عربات مدرعة و آخر محاط بثلاثة أنواع من التحصينات لضمان عدم عودة المجرمين مرة ثانية لمكان جريمتهم السابقة فلماذا مثل هذا الشعور بالخوف من قبل الأمريكيين الذين يعملون الآن بالمملكة.
عليكم أن تبينوا للأمريكيين بأن العديد من الراهبات و القساوسة و المستوطنين اليهود و الحاخامات و الكاثوليكيين يغطون رؤوسهم و لكن تغطية المرأة السعودية لرأسها يعتبر مظهراً من مظاهر الظلم ؟
ولماذا يعتذر السعوديون عن بطء خطوات التقدم بينما استغرقت الولايات المتحدة مائتي عام لمنح المرأة حق الاقتراع إذ لم يتم ذلك سوى في عام 1920م ؟
و عليكم أن تبينوا للأمريكيين بأنهم يميزون بين الرجل و المرأة في الدخل بينما وظف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) للعمل في التجارة من قبل زوجته الأولى خديجة التي كانت امرأة ناجحة تماماً في أعمالها التجارية.
كما و حاربت زوجة أخرى للرسول هي عائشة جنباً إلى جنب مع المقاتلين في إحدى الغزوات و الذي يدل على أن الإسلام يمنع العنصرية و التمييز ضد المرأة
و عليكم أن تبينوا للأمريكيين كيف انه لم يتم إلغاء التفرقة العنصرية ضد السود سوى
عام 1963م
بعد سلسلة من الاضطرابات و أعمال العنف ؟
كما ولا يزال التمييز شائعاً ضدهم ولا يتم الاختلاط بهم من الجنس الأبيض بحرية
ولماذا تعطي الولايات المتحدة نفسها الحق في مهاجمة أي بلد عربي بينما لم يسبق و ان وجهت أي دولة عربية تهديداً للولايات المتحدة فهل هذا من الديموقراطية في شيء ؟
و الأهم من ذلك هل هذا هو الشيء الذي يريدونه ؟
بالطبع هناك أشياء عديدة تحتاج لإصلاح داخل المملكة وكل الدول تشهد صعوداً و هبوطاً ولا يوجد فارق كبير بين الروتين في المملكة أو السويد أو فرنسا و كذلك فإن الوزراء بتلك الدول كما هو بالمملكة يستقرون في مناصبهم و يقومون بأدوار في أجهزة الحكومة و ليس لديهم الرغبة في التغيير.
و ان لديكم أيها السعوديون مجموعة جاهزة من المطوعين أو المطوعات الذين يمكن استخدامهم لتحسين المستويات الأخلاقية للناس من خلال إبراز إن القيادة المتهورة محرمة في الدين لأنها قد تقود إلى إهدار أرواح الآخرين و تحريم الدين لأن يلقي أي شخص بالأوساخ في الشوارع و يلوث البيئة و يضر بصحة الناس
و أخيراً فإذا ما أصبحت العولمة والتكنولوجيا سمة من سمات هذا العصر فإن المصلح محمد بن عبد الوهاب قد دعا للإصلاح من اجل وحدة البلاد والعباد في القرن الثامن عشر ميلادي ولذلك فمن الممكن استخدام الاجتهاد والنصوص الشرعية لتوحيد أبناء الأمة من اجل خدمة الإسلام والمملكة والكرامة القومية
و الحقيقة بأن هناك لغزاً كامناً في المملكة ربما يكون في طبيعة الناس أو ربما في طبيعة التاريخ أو ربما في طبيعة الأرض ولكن لو انه أتيحت لي الفرصة للبقاء مدة أطول في المملكة لربما واصلت البحث حتى تحصلت على الإجابة لمثل هذا اللغز
إنني اشعر بأن جزءاً من قلبي قد ظل ورائي في المملكة
و لكنني آمل أن أتمكن من العودة سريعاً للمملكة لمعرفة السبب في ذلك
بقلم : تانيا سي هسو
مقال مترجم من جريدة ارب نيوز
من الممكن قراءة النص الاصلي باللغه الانجليزية من خلال الرابط التالي :
http://www.arabnews.com/?page=7§ion=0&...
مقال جدير بالقراءة كتبته الصحفية الأمريكية تانياسي هسو
تحت عنوان ( خطاب مفتوح للسعوديين ) في يوم الثلاثاء 30/4/1426هـ ، ولاحظ الفقرة الأخيرة من المقال
لقد شعرت بالغضب والإحباط بعد عودتي من المملكة العربية السعودية التي أمضيت فيها أربعة أسابيع مرتدية العباءة والحجاب..
ونظراً لأنني محللة متخصصة في شؤون المملكة العربية السعودية فلقد عرفت الكثير مسبقاً مما هو متوقع مني عمله ولم يمثل ارتدائي للحجاب وعدم تمكني من قيادة السيارة خلال المدة التي قضيتها هناك أي مشكلة بالنسبة لي وبعد أربعة أسابيع طرت إلى اتلانتا مرتدية الحجاب ليس فقط لأختبر رد فعل الأمريكيين ، ولكنه لأنه كان مريحا و عمليا ، ولقد أضفت لحجابي في سوق البدو بالرياض البرقع وأدركت ولأول مرة في حياتي بأن الرجال يتحدثون إلي مباشرة بكل احترام و تقدير دون أن يكون لجسدي كامرأة اثر في ذلك التقدير ..
و يرجع سبب حضوري للمملكة أنني قد تلقيت دعوة بعد أن انتهيت من إعداد كتاب لي عن المملكة لحضور منتدى حوار محلي نشط بجدة ولقد قررت ان أمكث هناك قليلا لأجمع المادة الخاصة بكتاب آخر لي عن المملكة ، وقابلت خلال تلك الفترة أناساً من جميع مشارب الحياة ، منهم الغني و منهم الفقير و منهم الأمهات و منهم النساء العاملات و منهم النساء الناجحات و الأخريات العاطلات عن العمل و منهم الأميرات و منهم البدويات البائعات في الأسواق و منهم ما هو بين هذا وذاك، والتقيت سعوديين أصليين وسعوديين مجنسين ( تابعية ) وأجانب ، وعشت مع أسر سعودية كان يستخدم البعض منها الخدم و الآخر بدون خدم و كانوا جميعاً منفتحين و تواقين لمشاركة الرأي معي ، لقد تنقلت بحرية عبر البلاد و جلست على موائد الطعام الفاخرة ليلياً في منازل السعوديين ولم يكن باستطاعتي أن أتهرب من مثل هذه الحفاوة والكرم ، ولم أشاهد البتة بأن الرجال كانوا منفصلين عن النساء .
و في الرياض اعتدت على استخدام مكتب أحد الأصدقاء لمدة اسبوعين وكان يتم التعامل معي بطريقة متكافئة مع الرجال وتم اطلاعي على مناقشات تجارية على مستوى عال ، لقد توقعت بعد هذه الزيارة أن أعود للولايات المتحدة وأنا في موقف دفاعي أفضل خاصة وأنني قد حاولت بعد أحداث 11 سبتمبر و بدون جدوى أن أشرح أوضاع المملكة للشعب الأمريكي الذي أظهر عدم رغبته في الاستماع أو الفهم بعد أن أصبح هدفاً لتلك الهجمات ، وواجهت صعوبة في ممارسة مهنتي لإصراري على إيضاح بعض القضايا السعودية للشعب الأمريكي ، ولقد شعرت بأن من الممكن أن يلقى الشخص قبولا إذا كان معادياً للحرب أو معارضاً لجورج بوش أو مؤيداً للفلسطينيين،
و لكن لا يلقى أي قبول من أي طرف سياسي داخل الولايات المتحدة إذا ما كان موالياً للسعوديين والذي يعني مضاجعة العدو او عبادة الشخص ، ولا يوجد سوى تغطية إعلامية بسيطة ومحدودة للمملكة في الغرب في مواضيع غير مواضيع التجارة والنفط وإعلان الإصلاح ، ولاحظت وللأسف بأنه يوجد داخل المملكة وعلى الرغم من مشاهدة السعوديين للقنوات الفضائية ومطالعتهم الصحف واستخدامهم للإنترنت عدم مواكبة للأحداث ولاحظت ذلك حتى في مكتبة «جرير» التي لا تعرض سوى كتب عن الرحلات والتصوير وحياة أشخاص تاريخيين مثل «جيرتريد بيل وهاري فيلبي » ولكنها لا تعرض مادة سياسية للجمهور التواق للمعرفة السياسية ويعتبر ذلك في حد ذاته مناقضاً للمنطق في هذه المرحلة.
ولقد واجهت بعض المضايقات بسبب اقفال المحلات أوقات الصلاة فالوقت في الولايات المتحدة يمر بطريقة مختلفة حيث نسارع في الانتقال من مكان لآخر مما يوصلنا للإجهاد وحافة الانهيار بينما شاهدت الأسر في جدة تسير في مجموعات مسترخية على الكورنيش بينما يلعب أبناؤهم بالطائرات الورقية أو يركبون الحمير أو يعدون اللحم المشوي في الهواء الطلق بعيداً عن الموسيقى الصاخبة التي تصك الآذان في الشوارع الأمريكية الرئيسية التي يشغلها المراهقون في سياراتهم المسرعة .....
والسؤال هو: ما الذي جعلني أشعر بالغضب؟ لقد ظل هناك سؤال يطاردني لم أحصل على جواب له خلال جميع مناقشاتي التي جرت بالمملكة فعندما كان يوجه سؤال لشخص حول أسباب شعوره بالفخر لكونه سعودياً كان من الإجابات الشائعة إن السبب في ذلك هو كونه مسلماً أو عربياً مثلما إن المملكة هي موطن الحرمين الشريفين ولكنني لم أتلق إجابات حول القومية والروح الوطنية السعودية. إلا تروا ما في هذه الناحية من معنى ؟
لقد ظللتم ولسنوات عديدة ماضية تعتذرون علانية عن بعض أعمال العنف التي وقعت بالمملكة والافتقار للإصلاح أو بطء حركة التغيير وسمعت مراراً وتكراراً عن الشعور باليأس الذي أعمى عيونكم عن رؤية ما يجري أمامكم من خطوات تغيير و نمو و إنشاء مؤسسات جديدة و جهود إصلاحية.
إن لديكم أشياء كثيرة تجعلكم تشعرون بالفخر و لكن أدبكم الجم و رقتكم قد سمحت للغرب بأن يطأكم بقدميه و ان يصفكم بأنكم مصدر تهديد للديموقراطية وللعالم .
يجب عليكم أن ألا تسمحوا بأن يستمر مثل هذا الشيء و عليكم أن تسعوا للتقليل من المشاعر المعادية تجاه السعوديين و التوقف عن إعادة تأكيد نقاط ضعفكم.
إنكم أمة عزيزة و لذلك فعليكم أن تترجموا مشاعر الاعتزاز و الفخر ببلدكم من خلال العمل و ليس فقط من خلال المشاعر
عليكم أن تشرحوا للعالم كيف أنكم تحترمون النساء و كيف أن بلدكم خالياً نسبياً من الجريمة و كيف أنها آمنة و كيف أنكم تمنحون الأسرة الأولوية في الاهتمام
عليكم أن تخرجوا عن صمتكم و ان تتساءلوا كيف إن الولايات المتحدة الدولة الرائدة في الجريمة و في الاغتصاب و في العنف المحلي تجرؤ على اتهامكم بانتهاك حقوق الإنسان
عليكم أن تسألوا كيف يدافع الأمريكيون عن تنفيذ أحكام الإعدام بقتل النساء و القاصرين و المتخلفين عقلياً بالكرسي الكهربائي
و عليكم أن تبينوا كيف أن ديموقراطية الولايات المتحدة
تسمح بتصدير أكبر صناعة للصور العارية في العالم .. فلماذا ينتقدون المملكة بسبب القيود التي تفرضها للحفاظ على الأخلاق؟
و عليكم أن تبينوا لهم كيف أن باستطاعة أي سعودي أن يترك محفظة نقوده أو الكاميرا الثمينة على المقعد الأمامي بالسيارة كما فعلت و يعود و يجدها في نفس مكانها بينما ينهمك الأمريكيون في استخدام أجهزة الإنذار لإبعاد اللصوص
كما و ينتشر المجرمون الذين يسيئون للأطفال في كل حي..
عليكم أن تبينوا لهم بأنكم تطبقون إجراءات أمنية صارمة و فريدة لمنع تكرار وقوع أعمال عنف حول بعض المجمعات السكنية كاللتيوقعت في السابق فهناك على سبيل المثال مجمع سكني بالخبر محاط بخمسة جدران أمنية و عربات مدرعة و آخر محاط بثلاثة أنواع من التحصينات لضمان عدم عودة المجرمين مرة ثانية لمكان جريمتهم السابقة فلماذا مثل هذا الشعور بالخوف من قبل الأمريكيين الذين يعملون الآن بالمملكة.
عليكم أن تبينوا للأمريكيين بأن العديد من الراهبات و القساوسة و المستوطنين اليهود و الحاخامات و الكاثوليكيين يغطون رؤوسهم و لكن تغطية المرأة السعودية لرأسها يعتبر مظهراً من مظاهر الظلم ؟
ولماذا يعتذر السعوديون عن بطء خطوات التقدم بينما استغرقت الولايات المتحدة مائتي عام لمنح المرأة حق الاقتراع إذ لم يتم ذلك سوى في عام 1920م ؟
و عليكم أن تبينوا للأمريكيين بأنهم يميزون بين الرجل و المرأة في الدخل بينما وظف الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) للعمل في التجارة من قبل زوجته الأولى خديجة التي كانت امرأة ناجحة تماماً في أعمالها التجارية.
كما و حاربت زوجة أخرى للرسول هي عائشة جنباً إلى جنب مع المقاتلين في إحدى الغزوات و الذي يدل على أن الإسلام يمنع العنصرية و التمييز ضد المرأة
و عليكم أن تبينوا للأمريكيين كيف انه لم يتم إلغاء التفرقة العنصرية ضد السود سوى
عام 1963م
بعد سلسلة من الاضطرابات و أعمال العنف ؟
كما ولا يزال التمييز شائعاً ضدهم ولا يتم الاختلاط بهم من الجنس الأبيض بحرية
ولماذا تعطي الولايات المتحدة نفسها الحق في مهاجمة أي بلد عربي بينما لم يسبق و ان وجهت أي دولة عربية تهديداً للولايات المتحدة فهل هذا من الديموقراطية في شيء ؟
و الأهم من ذلك هل هذا هو الشيء الذي يريدونه ؟
بالطبع هناك أشياء عديدة تحتاج لإصلاح داخل المملكة وكل الدول تشهد صعوداً و هبوطاً ولا يوجد فارق كبير بين الروتين في المملكة أو السويد أو فرنسا و كذلك فإن الوزراء بتلك الدول كما هو بالمملكة يستقرون في مناصبهم و يقومون بأدوار في أجهزة الحكومة و ليس لديهم الرغبة في التغيير.
و ان لديكم أيها السعوديون مجموعة جاهزة من المطوعين أو المطوعات الذين يمكن استخدامهم لتحسين المستويات الأخلاقية للناس من خلال إبراز إن القيادة المتهورة محرمة في الدين لأنها قد تقود إلى إهدار أرواح الآخرين و تحريم الدين لأن يلقي أي شخص بالأوساخ في الشوارع و يلوث البيئة و يضر بصحة الناس
و أخيراً فإذا ما أصبحت العولمة والتكنولوجيا سمة من سمات هذا العصر فإن المصلح محمد بن عبد الوهاب قد دعا للإصلاح من اجل وحدة البلاد والعباد في القرن الثامن عشر ميلادي ولذلك فمن الممكن استخدام الاجتهاد والنصوص الشرعية لتوحيد أبناء الأمة من اجل خدمة الإسلام والمملكة والكرامة القومية
و الحقيقة بأن هناك لغزاً كامناً في المملكة ربما يكون في طبيعة الناس أو ربما في طبيعة التاريخ أو ربما في طبيعة الأرض ولكن لو انه أتيحت لي الفرصة للبقاء مدة أطول في المملكة لربما واصلت البحث حتى تحصلت على الإجابة لمثل هذا اللغز
إنني اشعر بأن جزءاً من قلبي قد ظل ورائي في المملكة
و لكنني آمل أن أتمكن من العودة سريعاً للمملكة لمعرفة السبب في ذلك